الاثنين، 25 أغسطس 2008

وضعنا الإجتماعي المتردي

إن أي مجتمع يفقد أفراده بعض مقومات المبادئ والمثل أو يصبح من يتمتعون بها نكرة عليه مهشمين فيه معرضين للسخرية هم وما يحملونه من مبادئ وقيم وطنية شرعية حقيقية ( يما يسميه البعض الاعتدال والوسطية )
ففي هذه الحالة لابد وأن يضطرب ويفقد الثقة في بعضه البعض وتصبح أطروحاته وأرائه ضبابية لكونه مصاب بأمراض متعددة كرستها حالة حب الذات والسرية والرهاب المفتعل أو الممنهج.
ولاشك بأن المفاهيم الواقعية الحياتية تصبح وهما وخيالا ؛ لا لشيء إلا لأنه عاش فوق الواقع ودون الحقيقة لفترة زمنية ليست بالقصيرة وغافلا عن حقيقة مشاكل بعضه البعض وبالتالي عن قضاياه الشرعية أو الوطنية ومنع أفراده من تباحثها خشية الفتنة زعماً.
بينما هذا الصمت وادعاء الخوف من الفتنة هو الفتنة ومعها السكوت عن الحق.
وهذا يعني أنه فاقد ليس للحس الوطني بل لمقومات وأسس وقيم الحس الوطني .
وبالتالي يفقد الشعور باالمسؤليه والزمن , وهذا حتماُ ليس نتيجة للغزو الفكري بل هي التربية والتنشئة الخاطئة التي حاربت أن يقوم الفرد فيه بدوره الوطني الاجتماعي حيال مجتمعه سواءً كان ذلك بالتثبيط أو الترهيب أو بأن هذا دور الحكومة فقط وفقدان الدراية والفهم بأنه هو جزء أساسي من هذه الدولة وأن الحكومة هي جزء من جزئيات هذه الدولة.
لذلك تجد أن أفراد مجتمع كهذا يحب أن يقطف ثمرة عاجلة تأتيه على طبق من ذهب ويطلب من غيره تصحيح أخطاءه وأخطاء مقومات مجتمعه متخليا أو جاهلا لمسؤولياته في هذا الإصلاح والتصحيح راضيا بحلول يضعها له غيره محملا إياه المسؤولية تواكلا وتقاعسا , ولكي لا ينظر إلى نفسه في المرآة لأنه إن فعل فسوف يدرك أن نظرته الأساسية للواقع والحياة والقيم والآخرين هي نظرة خاطئة وأنه تعود أن يحصل على الحلول أين كانت ويقبلها لأنه لا يرغب بأن يكون ذا كرامة فيصنع هو الحدث وبالتالي يتحمل مسؤولية النتائج.
إننا بحاجة إلى وقفة حقيقية وجادة لصنع الإرادة إرادة التغير أولا لأن القول بدون إرادة لترجمته حقيقة على الواقع لا يتعدى كونه نوع من التذمر والشكوى قد يكون أدركها أو يحسها ليس الآلاف بل الملايين ولكنها تفقد أولا إرادة التغير بسبب الهجمة الشرسة التي نالت من معنوياتها وما ذكرته آنفا كان جزء من هذه الهجمة و ناتج من نتائج تهميشها وقلب مفاهيم المصطلحات في واقعها الوهمي الذي اقتنعت أو أقنعت نفسها به لتتهرب من تحمل مسؤوليات الواقع الجديد المراد الوصول إليه مكتفية بكون دورها هو الأكل والشرب فقط .
إن البابوية في الكنيسة النصرانية دفعت إلى التمرد لأنها صفة تخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها وكانت بابوية الكنيسة قائمة تحت مسمى الدين.
أما عندما تتحول البابوية إلى بابوية سياسية أو بابوية متعددة الأطراف يصدق عليها قول الله {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }الزمر29
ولك أن تتخيل حال هذا الرجل.
ثانياً إن ممارسه البابوية هو الأخذ من بعض الصفات التي لا تكون إلا لله مثل القوامة الكاملة ( وليس هناك من له حق القوامة المطلقة إلا الله ومع ذلك ترك للعباد تقرير المصير .
ولكن لجهل الإنسان بجهله من جهة , ولحبه لذاته من ناحية أخرى , ولتزكيته لنفسه التزكية المنهي عنها تجرأ تصورياً تحت شعارات وأسباب افتراضية ليمنح نفسه هذا الموقع سواء كان جاهلا أو عالما أن هذا مغضبا لله أو ظاناً أنه يحسن صنعا .فإذا كان التصور البابوي الديني لدى أولئك الذين لازالوا يملكون الكنائس ويرددون الصلوات والأدعية ويصومون ويحجون كما هو في ملتهم بعد التحريف وهذا التصرف البابوي أدى إلى هذا الانفصام التاريخي في حياتهم ؛ فما هي نتائج البابوية السياسية.
إن كل تكوين مجتمعي وعلى رأسه التكوين المجتمعي الإسلامي قام على أسس وشروط لدوام إدارة هذا المجتمع بين أفراده ومن خولوهم للقيام بمسؤوليات المجتمع العامة والمصيرية , له ضوابط وشروط تبقى بالبقاء عليه وتزول إذا اخل بهذه الضوابط والشروط .
ولم يتجاهل كل ذلك إلا التكوين الديكتاتوري والذي لا يمكن تحويله إلى غير ذلك في أي وقت لأن المتضررين منه يزداد عددهم في كل ثانية ويكسب كل يوم أعداء جدد , لأن منطلقه ذاتي التصور وأناني المطلب وبالتالي تتضارب مصالحه الذاتية الآنية مع أفراد ذلك التكوين المجتمعي وبقدر هذا التضارب يزداد هو بالتشبث في مركزه بل يسعى لتوسيعه , لأنه يدرك أن الانهيار له يعني أنه لن يحصل على أي دور فيما بعده هذا إذا جهل أن له من يترصد لحظة استرداد حقوق أو لحظة انتقام لما عاناه علاوة على أن 90% من مجموع ذلك التكوين سينقلب رأسا على عقب ضد الدكتاتورية .كما إن الدكتاتورية لا تملك بل لا تريد أن تفعل حلولا تعطي أفراد ذلك التكوين أي نوع من الحرية لأن طبيعتها السيطرة التامة بتصور أمني تضفيه على جميع قطاعاتها وإذا أرادت أن تمتص مطالبا فرضها الواقع تقوم بإنشاء شبيه تلك المطالب تحت سيطرتها لتبقى ماسكة بزمام الأمور وبالتالي تتحول تلك الإحداثيات جزء من كيانها مكملا لها تدرجه الأيام شاء أم أبا من تسلموا تسيره عن حسن ظن أو من باب مالا يدرك كله فلا يترك جله ويصبحون أداة أخطر في تغريب الحقائق علاوة عن الدين.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجب على كل مسلم بل هو فرض عين , وهو قوامة وشرط من شروط لا اله إلا الله ولذلك قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104
ويخطئ من يظن أن هذا يعني جزء منكم هذه مهمته بل الخطاب معني به الجميع واللفظ القرآني هو للبلاغة في اللغة العربية بدليل آخر الآية ( وألئك هم المفلحون ) ولا يمكن أن يكون أمر للبعض بأن يكونوا مفلحين والبعض الأخر لا.. وبدليل قوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110
وبالتالي فإن حرية الكلمة والرأي هي قوامة من قوامات لا إله إلا الله ومن شروطها ولذلك عقلوها العرب ..وفهموا منها أنها إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد بالطاعة والامتثال على ضوء شرعه.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

((القول بدون إرادة لترجمته حقيقة على الواقع لا يتعدى كونه نوع من التذمر والشكوى قد يكون أدركها أو يحسها ليس الآلاف بل الملايين ولكنها تفقد أولا إرادة التغير بسبب الهجمة الشرسة التي نالت من معنوياتها))

الله يعطيك العافية

غير معرف يقول...

مدونة روووعة وتستحق المتابعة

اول مرة اعرف ان لك مدونة يابو زياد


قلم يكتب مداد الذهب

دمت بكل عطاء وإلى الامام


العدناني ..... إشراق